@ معلقة امرئ القيس @ الفاضل سيف الدين @

معلقة امرئ القيس .
*********
التعريف بالشاعر (1 )
********
امرئ القيس من قبيلة كندة اليمنية.هاجرت الى الشمال واستقرت فى نجد.كان على راسها امير يسمى
حجر اكل المرار./ والمرار نبات شديد المرارة / وهو الذى تعاقبت الامارة فى بنيه.وكان اخرهم واقواهم
الحارث والذى جعل ابنه حجرااميرا على اسد وقطفان.واستطاعت قبيلة بنى اسد ان تقتل حجر والد شاعرنا
امرئ القيس.
وقد اختلف الرواة فى اسم امرئ القيس.فيسمى حندجا.وعديا ومليكة. ويكنى بابى وهب وابى زيد
وابى الحارث .ويلقب بالملك الضليل. وبذى القروح لقوله:
وبدلت قرحا داميا بعد صحة فى * لك من نعمى تحولن ابؤسا
كما لقب بالذائد لقوله:
ازود القوا فى عنى زيادا * ذياد غلام جرئ جوادا
واشهر القابه امرئ القيس.وقيس صنم من اصنامهم.فهو قد جمع مجدتغلب العدنانية الى مجد
كندة القحطانية. الى مجد لخوم ملوك الحيرة. وذلك لان اباه ملك من سلالة ملوك.وابن عمته عمرو
بن هند. ملك الحيرة.وامه فاطمة اخت مهلهل وكليب من سادات تغلب. وليلى ام الشاعر عمرو بن كلثوم
هى ابنة خاله مهلهل.
ويشب شاعرنا ويشتد عوده وينطلق لسانه منذ نعومة اظفاره بالشعر.
والشباب هم اقرب لشعر الهوى والغزل والنسيب.فكان ان بدا به حتى امعن فى ذلك.
مما جره للتغزل بزوجة ابيه ام الحويرث.فغضب ابوه ونهاه عن النسيب ثم طرده من رعايته وكنفه.
فلجا امرئ القيس الى عمه شرحبيل ملك بكر بن وائل.هناك وجد ضالته المنشودة.
ومادة شعره الخصبة.اذ امدته ابنة عمه فاطمة.المعروفة / باسم عنيزة / بدفق هائل من الشاعرية
واطلقت لسانه بشعر غزلى فاحش.حتى كانت المعلقة احدى ثمار هذا الحب .
لكن شاعرنا فيما يبدو كان خبيرا بادواء النساء. عارفا بطرق استمالتهن.قريبا الى قلوبهن.
اذا احب لم يكفه ان يحب واحدة.واذا تغزل لم يتغزل بواحدة. وكان قلبه الخافق ابدا
روضت ضمت اليها ازاهير مختلفة الالوان والاشكال. فهى لا تسعد الا بوجودها ولا ينطلق شذاها
الا بشمها وضمها.وهكذا فقد تغزل باكثر من واحدة.
تغزل بام الحويرث / وام الرباب / وعنيزة / وحبلى / ومرضع / وفاطمة / وبيضة خدر /
حتى خرج عن المالوف وخالف عادات وتقاليد ابناء الملوك. فعاشر الخلعاء الفاسدين.
والشذاذ المطرودين. ولم يصح من اغفاءته ولم يرتدع عن لهوه ومجونه. الا عندما بلغه نبا مقتل
ابيه حجر.وكان جالس يشرب الخمر مع نديم له.
عندئذ وقف بعدما لعبت الخمر براسه. وقال كلمته المشهورة. ضيعنى صغيرا وحملنى دمه كبيرا
لا صحو اليوم ولا سكر غدا اليوم خمر وغدا امر . ثم اقسم الا ياكل لحما ولا يشرب خمرا
ولا يصيب امراة .حتى ليدرك بثار ابيه.

التعريف بالشاعر ( 2 )
************
كانت حادثة مقتل والد امرئ القيس. نقطة انعطاف فى حياة هذا الفتى الذى اعتاد على حياة اللهو
والصيد والمجون. فهاهو يحمل عبئا ثقيلا عبء الاخذ بثار ابيه على عادة العرب انذاك. فما
كان منه الا ان اتجه للقبائل العربية يطلب منهم العون والنصرة. فاعانته بكر وتغلب على ما اراد.
حتى قتل من بنى اسد
اعدادا كبيرة دون ان تشفى غليله. الا ان بكرا وتغلب سرعان ما انفضتا من حوله.
فمضى امرئ القيس يستنصر قبائل اخرى الا انه لم يلق منهم الا الخزلان.
ومن طريف ما فعله امرئ القيس واثناء طوافه للنصرة مر بصنم للعرب اسمه ذو الخلصة
فاستقسم عنده بقداحه وهى ثلاثة :
الامر / والناهى / والمتربص / فدس يده فخرج الناهى ثم دس يده مرة ثانية فخرج الناهى ثم دسها
مرة ثالثة فخرج الناهى. فغضب غضبا شديدا ثم جمع القداح وكسرها وضرب بها وجه الصنم
وقال لو ابوك قتل ما عقتنى.
ثم ذهب الى قيصر الروم ( جوستنيان ) يطلب نجدته. وهذا القيصر طلب من النجاشى ملك الحبشة
ان يعين امرئ القيس فى استعادة ملك ابيه.الا ان النجاشى لم يجبه الى ذلك.
واثناء عودته الى بلاده اصيب امرؤ القيس بقروح تشبه الجدرى فمات قريبا من انقرة..
ومما قيل فى موته ان ابنة قيصر الروم وقعت فى حب شاعرنا.وعندما وصل الخبر الى القيصر ا
اضمر له شرا.فارسل له بعد رحيله حلة مسمومة ما ان لبسها امرئ القيس حتى تقرح جلده فمات..

التعريف بالشاعر ( 3 )
*************
واخيرا نخلص الى القول بان شاعرنا كانكبير الشعراء يقرون بتقدمه. وشيخهم الذى يعترفون بفضله.
وقائدهم الذى ياتمون به .وامامهم الذى يرجعون اليه.وهو سبق العرب الى اشياء ابتدعها.
استحسنتها العرب واتبعته فيها الشعراء.منها:
استيقاف صحبه. والبكاء فى الديار. ورقة النسيب .وقرب الماخذ .
وقال عنه بديع الزمان الهمذانى : هو اول من وقف بالديار وعرصاتها. واغتدى والطير فى وكناتها.
ووصف الخيل بصفاتها. ولم يقل الشعر كاسبا.
مناسية المعلقة
*******
ذكرت ان امرؤ القيس احب بنت عمه شرحبيل فاطمة والتى تسمى (بعنيزة )
وطلبها من ابيها فلم يصل اليها..
وعندما هم قومها بالظعن والرحيل تقدم الرجال وتاخرت النساء وكان هناك غدير او بركة ماء
تسمى (دارة جلجل ) فوردت النساء الغدير وتجردن من ثيابهن ..
تقدم امرئ القيس فاخذ ثيابهن وقال :
والله لا اعطى جارية ثوبها حتى تخرج عنيزة..
فرفضن حتى تعالى النهار فخشين ان يتخلفن عن الركب فخرجن جميعا فقلن له :
انك عذبتنا واجعتنا.. فنحر امرئ القيس ناقته فاكلن. ولما اردن الرحيل حملن متاعه.
الا عنيزة لم تحمل له شيئا فحملته هو على بعيرها.
فكان يدخل راسه فى خدرها فيقبلها. فاذا امتنعت مال حدجها اى الهودج .فتقول :
عقرت بعيرى فانزل..
ففى ذلك قال امرئ القيس معلقته..
واترككم مع المعلقة..
الفاضل سيف الدين
*********

سوف اتناول المعلقة على اقسام حسب غرض المواضيع
1/ وقوف الشاعر على الدار وبكاؤه واعواله.
2/ غزل ولهو الشاعر مع العذارى.
3/ عتابه لمحبوبته وما يتصل بذلك من وصف خليلته.
4/ وصف الشاعر لليل والخلوص منه للصيد.
5/ وصف الفرس..ثم ذكر البرق والمطر..
وصف الاطلال
-----------------
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل
وهذا المطلع من مبتكرات امرئ القيس.اذ وقف واستوقف وبكى وابكى من معه.
وذكر الحبيب الذى فارقه.والمنزل الذى خرج منه. ثم اخذ يرسم لنا كيف كان اصحابه
يواسونه ويصبرونه.اما هو فقد غرق بدمع عيونهامام منزل حبيبته الدارس .فيسال نفسه
وما نفع البكاء بعد رحيل الاحبة ؟
وقوفا بها صحبى على مطيهم * يقولون لا تهلك اسى وتجمل
وان شفائى عبرة مهراقة * فهل عند رسم دارس من معول
ثم ينتقل الشاعر انتقالا مفاجئا ليروى قصة مغامراته مع النساء.ولا ندرى اكاذب ام صادق؟
ام يقول ذلك ليثير الغيرة والريبةفى قلب حبيبته عنيزة.فيذكر لها اسماء بعض النساء اللواتى
شغفن حبا به. وشغف حبا بهن امثال ام الحويرث وام الرباب واللتين اذا قامتا فاحت منهما
رائحة المسك.مثل رائحة القرنفل التى يحملها نسيم الصبا.
فسالت دموع عينيه وحنينه اليهما.حتى ابتلت حمالة سيفه.
ثم احس الشاعر بالحرج والارتباك وخشى ان هو اطال فى وصف مغامراته ان يزعج عنيزة
فتمتنع عن وصاله.
لذلك نراه عاد لوصف ( يوم دارة جلجل) ذلك اليوم الذى ظفر به باعذب الجنى.
والذى ذبح فيه ناقته لتكون طعاما للعذارى .اللواتى حملن متاعه.فكان هذا مثار دهشته وتعجبه
ثم ما كان بعد ذلك من ركوبه خلف عنيزة .ودخوله خدرها.ودعائها عليه.
فقد جعلها راجلة بعد ان اعتلى ظهر بعيرها.وهى تطلب منه ان ينزل كلما مال الهودج بهما.
فيتوسل اليها انتترك زمام البعير وان تدعه ليتمتع بقربها .
ثم يستغرب الشاعر من صدود عنيزة.وهو الذى مالت اليه امراة مرضع واستطاع ان يلهيها
عن ولدهاالذى بلغ حولا كاملا.والذى وضعت فى رقبته تميمة.
فذا ما بكى لم تنصرف اليه كلية.بل كانت ترضى ابنها وترضى عشيقها.
لكن يبدو ان فاطمة اخذت الغيرة منها كل ماخذ عندما سمعت منه هذا الفحش..فاقسمت وهى
على ظهر الكثيب ان تهجر امرئ القيس.وتمنعه من وصالها..
امرئ القيس يغاذل العذارى
***********
كدابك من ام الحويرث قبلها * وجارتها ام الرباب بماسل
اذا قامتا تضوع المسك منهما * نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل
ففاضت دموع العين منى صبابة * على النحر حتى بل دمعى محملى
الا رب يوم لك منهن صالح * ولا سيما يوما بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيتى * فيا عجبا من كورها المتحمل
فظل العذارى يرتمين بلحمها * وشحم كهداب الدمقس المفتل
امرئ القيس داخل خدر عنيزة
**************
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة * فقالت لك الويلات انك مرجلى
تقول وقد مال الغبيط بنا معا * عقرت بعيرى ياامرئ القيس فانزل
فقلت لها : سيرى وارخى زمامه * ولا تبعدينى من جناك المعلل
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع * فالهيتها عن ذى تمائم محول
اذا ما بكى من خلفها انصرفت له * بشق وتحتى شقها لم يحول
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت * على والت حلفةلم تحلل
واواصل معكم اعتذار امرئ القيس لعنيزة بعد ان حلفت بان تهجره.
الفاضل سيف الدين

امرئ القيس يعتذر لعنيزة
-----------------
افاطم مهلا بعد هذا التدلل * وان كنت قد ازمعت صرمى فاجملى
وان تك قد ساءتك منى خليقة * فسلى ثيابى من ثيابك تنسل
اغرك منى ان حبك قاتلى * وانك مهما تامرى القلب يفعل
وما ذرفت عيناك الا لتضربى * بسهميك فى اعشار قلب مقتل
وينسى شاعرنا نفسه مرة اخرى .فيرجع الى استثلرة غيرة عنيزة
بمغامرات غزليه مع اخريات فيقول:
وبيضة خدر لا يرام خباؤها * تمتعت من لهو بها غير معجل
تجاوزت احراسا اليها ومعشرا *على حراصا لو يسرون مقتلى
فجئت وقد نضت لنوم ثيابها * لدى الستر الا لبسة المتفضل
فقالت: يمين الله مالك حيلة * وما ان ارى عنك الغواية تنجلى
خرجت بها امشى تجر وراءنا * على اثرينا ذيل مرط مرحل
فلما اجزنا ساحة الحى وانتحى * بنا بطن خبت ذى حقاف عقنقل
هصرت بفودى راسها فتمايلت * على هضيم الكشح ري المخلخل
مهفهفة بيضاء غير مفاضة * ترائبها مصقولة كالسجنجل
تصد وتبدى عن اسيل وتتقى * بناظرة من وحش وجرة مطفل
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش *اذا هى نصته ولا بمعطل
وفرع يزين المتن اسود فاحم * اثيث كقنو النخلة المتعثكل
ويضحى فتيت المسك فوق فراشها* نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
تضئ الظلام بالعشاء كانها * منارة ممسى راهب متبتل
الى مثلها يرنو الحليم صبابة * اذا ما اسبكرت بين درع ومجول
تسلت عمايات الرجال عن الصبا * وليس فؤادى عن هواك بمنسل
الا رب خصم فيك الوى رددته * نصيح على تعذاله غير مؤتل

امرؤ القيس يصف الليل
***********
وليل كموج البحر ارخى سدوله على بانواع الهموم ليبتلى
فقلت له لما تمطى بصلبه واردف اعجازا وناء بكلكل
الا ايها الليل الطويل الا انجلى بصبح وما الاصباح فيك بامثل
فيا لك من ليل كان نجومه بامراس كتان الى صم جندل
امرؤ القيس يصف القوس
**************
قد اغتدى والطير فى وكناتها بمنجرد قيد الاوابل هيكل
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
كميت يزل اللبد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل
على الذبل جياش كان اهتزامه اذ جاش حميه غلى مرجل
مسح اذا مالسابحات على الونى اثرن الغبار بالكديد المركل
يزل الغلام الخف عن صهواته ويلوى باثواب العنيف المثقل
درير كخذروف الوليد امره تتابع كفيه بخيط موصل
له ايطلا ظبى وساقا نعامة وارخاء سرحان وتقريب تتفل
ضليع اذا استدبرته سد فرجه بضاف فويق الارض ليس باعزل
كان على المتنين منه اذا انتحى مداك عروس او صلاية حنظل
امرؤ القيس يصف المطر
*************
اصاح ترى برقا اريك وميضه كلمع اليدين فى حبى مكلل
يضئ سناه او مصابيح راهب امال السليط بالذبال المفتل
قعدت له وصحبتى بين ضارج وبين العذيب بعد ما متاملى
على قطن بالشيم ايمن صوبه وايسره على الستار فيذبل
فاضحى يسح الماء حول كتفيه يكب على الاذقان دوح الكنهبل
ومر على القنان من نفيانه فانزل منه العصم من كل منزل
وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا اطما الا مشيدا بحندل
كان ثبيرا فى عرانين وبله كبير اناس فى بجاد مزمل
كان ذرا راس المجيمر غدوه من السيل والغثاء فلكة مغزل
والقى بصحراء الغبيط بعاعه نزول اليمانى ذى العياب المحمل
كان مكاكى الجواء غديه صبحن سلافا من رحيق مفلفل
واواصل معكم شرح معلقة طرفة بن العبد.....
الفاضل سيف الدين*********